قد يقول قائل: لماذا لم يجعل الأئمة (مسند الإمام أحمد) -رحمه الله- من الكتب الستة، لا سيما وأن شرط الإمام أحمد في مسنده قوي جدًا، ولا يقل عن شرط أبي داود، إن لم يكن أعلى منه وأرفع، كما يقول شيخ الإسلام ابن تيمية، وكما هو واقع الكتاب؟
نقول: إن المسانيد كـ(مسند الإمام أحمد)، و(مسند الطيالسي)، و(مسند أبي يعلى)، وغيرها من المسانيد، اصطلح الأئمة على جعلها في المرتبة دون السنن؛ لأن المؤلف في السنن يُترجم بأحكامٍ شرعية، فيقول في الترجمة: باب وجوب كذا، باب تحريم كذا، باب ما جاء في الرخصة بكذا، وغيرها، والأحكام إنما ينتقي العالم فيها أقوى ما عنده من المرويات، بخلاف من يترجم باسم صحابي من الصحابة، أو راوٍ من الرواة كما يفعل أصحاب المسانيد، فيترجم –مثلًا- باسم أبي بكر، وباسم عمر -رضي الله عنهما-، وبغيرهما من الصحابة، ثم يسوق ما وقف عليه من مرويات هذا الصحابي، وحينئذٍ لا يلزمه الانتقاء، بل يُثبت ما وصل إليه من الأحاديث من طريق ذلك الصحابي، ولذا يقول الحافظ العراقي -رحمه الله تعالى-:
ودونها في رتبة ما جعلا على المسانيد فيدعى الجفلى
أي ودون (السنن) في الرتبة المسانيد، فالمؤلف في المسانيد يدعو الأحاديث (الجفلى) من غير نظر إلى أي شرط. والله أعلم.