هدي النبي في رمضان (28)
بسم الله الرحمن الرحيم، الحلقة الثامنة والعشرون.
بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على النبي الأمين، محمد بن عبد الله وعلى آله وصحبه أجمعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، إخوتنا المستمعين الكرام، السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، وحييتم إلى هذا اللقاء الجديد في هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- في رمضان وفي مطلع هذا اللقاء يسعدني أن أرحب بفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير فحياكم الله يا شيخ عبد الكريم.
حياكم الله وبارك فيكم.
أيها الإخوة المستمعون الكرام: كان من هدي النبي -صلى الله عليه وسلم- إخراج زكاة الفطر والأمر بها وفي هذا اللقاء فضيلة الشيخ لو تفضلتم بهديه -صلى الله عليه وسلم- في زكاة الفطر.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
زكاة الفطر المراد بها زكاة الفطر من صيام شهر رمضان وإضافتها سببية؛ لأن الفطر سببها فإضافتها إليه من إضافة الشيء إلى سببه وهي واجبة فريضة، لحديث ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: فرض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- زكاة الفطر صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير على العبد والحر والذكر والأنثى والصغير والكبير من المسلمين وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة متفق عليه، وعن أبي سعيد -رضي الله عنه- قال: كنا نعطيها في زمن النبي -صلى الله عليه وسلم- صاعًا من طعام أو صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير أو صاعًا من زبيب أو صاعًا من أقِط، الحكمة في مشروعيتها أنها طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين وشكرًا لله -عزَّ وجل- على إتمام فريضة الصيام، الحكمة في مشروعيتها أنها طهرة للصائم، طهرة للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين وشكر لله -عزَّ وجل- على إتمام فريضة الصيام، طهرة للصائم، هل معنى هذا أنها لا تجب إلا على من صام؟ لا، بل تجب على كل مسلم ذكرًا كان أو أنثى صغيرًا كان أو كبيرًا حرًا كان أو عبدًا لحديث ابن عمر المتقدم آنفا الواجب صاع وهو أربعة أمداد والجنس المخرج من غالب قوت البلد كالبر والشعير والأرز وغيرها كالذرة والزبيب والأقط وما يقتاته الناس في كل بلد بحسبه ووقت إخراجها قبل صلاة العيد ويجوز تقديمها قبل العيد بيوم أو يومين، ففي البخاري أن الصحابة كانوا يعطونها قبل الفطر بيوم أو يومين والأفضل إخراجها يوم العيد قبل الصلاة فإن فات الوقت ولم يتمكن من إخراجها قبل العيد وجب إخراجها قضاء لحديث ابن عباس -رضي الله عنهما- «من أدّاها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات»، وحينئذٍ يكون آثما بتأخير إخراجها عن الوقت المحدد لمخالفته أمر الرسول -عليه الصلاة والسلام- ويخرج المسلم زكاة الفطر عن نفسه وعن من يمونهم من الزوجات والأقارب ويستحب إخراجها عن الحمل لفعل عثمان -رضي الله عنه- في هذا يقول ابن القيم -رحمه الله تعالى-: فصل في هديه -صلى الله عليه وسلم- في زكاة الفطر فرضها رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المسلم وعلى من يمونه من صغير وكبير ذكر وأنثى حر وعبد صاعًا من تمر أو صاعًا من شعير أو صاعًا من أقطع أو صاعًا من زبيب، وروي عنه أو صاعًا من دقيق وروي عنه نصف صاع من بر والمعروف أن عمر بن الخطاب جعل نصف صاع من بر مكان الصاع من هذه الأشياء ذكره أبو داود، وفي الصحيحين أن معاوية هو الذي قوم ذلك يعني عد نصف الصاع من بر بصاع من غيره، وفيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول ابن القيم: آثار مرسلة ومسندة يقوي بعضها بعضا، يقول: فمنها حديث عبد الله بن ثعلبة أو ثعلبة بن عبد الله بن أبي صُعير عن أبيه قال قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «صاع من بر أو قمح على كل اثنين» رواه الإمام أحمد وأبو داود، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده أن النبي -عليه الصلاة والسلام- بعث مناديًا في فجاج مكة ألا إن صدقة الفطر واجبة على كل مسلم ذكر أو أنثى حر أو عبد صغير أو كبير مدان من قمح أو سواه صاعًا من طعام، المقصود أن الواجب بالنصوص الصحيحة الصريحة هو الصاع الكامل كما تقدم من أحاديث الصحيحين وغيرهما وأن التقويم نصف الصاع من البر من كلام..، التقويم كان ذلك من معاوية رضي الله عنه الكلام هذا التقويم هذا من كلامه من معاوية كما ثبت في الصحيحين وغيرهما، وعلى هذا لا يعارض به المرفوع، ويقول ابن القيم -رحمه الله-..، يقول: وفيه عن النبي -صلى الله عليه وسلم- آثار مرسلة ومسندة يقوي بعضها بعضًا يعني هي بحاجة إلى أن يشد بعضها بعضا وإلا فهي في الأصل مفرداتها ضعيفة وبهذا لا يعارض لا تعارض بما ثبت في الصحيحين وغيرهما من أن الواجب هو الصاع الكامل، يقول ابن القيم أيضًا: فصل وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- إخراج هذه الصدقة قبل صلاة العيد وفي السنن عنه أنه قال «من أداها قبل الصلاة فهي زكاة مقبولة ومن أداها بعد الصلاة فهي صدقة من الصدقات»، وفي الصحيحين عن ابن عمر قال أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بزكاة الفطر أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة ومقتضى هذين الحديثين أنه لا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد وأنها تفوت بالفراغ من الصلاة وهذا هو الصواب فإنه لا معارض لهذين الحديثين ولا ناسخ ولا إجماع يدفع القول بهما وكان شيخنا يقوي ذلك وينصره ونظيره ترتيب الأضحية على صلاة الإمام لا على وقتها وأن من ذبح قبل صلاة الإمام لم تكن ذبيحته أضحية بل شاة لحم وهذا أيضًا هو الصواب في هذه المسألة وهذا هدي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- في الموضعين، يقول -رحمه الله-: فصل وكان من هديه تخصيص المساكين تخصيص المساكين بهذه الصدقة ولم يكن يقسمها على الأصناف الثمانية قبضة قبضة، تخصيص المساكين بهذه الصدقة ولم يكن يقسمها على الأصناف الثمانية التي هي مصارف الزكاة يعني غير المساكين غير المحتاجين من الفقراء والمساكين لا يعطى منها لا يعطى منها العامل ولا يعطى منها الغارم ولا يعطى منها في سبيل الله ولا غيره إنما هي خاصة بالمساكين ليغنوا بذلك عن السؤال في ذلك اليوم الذي هو يوم العيد يوم الفرح، يقول وكان من هديه -صلى الله عليه وسلم- تخصيص المساكين بهذه الصدقة ولم يكن يقسمها على الأصناف الثمانية قبضة قبضة ولا أمر بذلك ولا فعله أحد من أصحابه ولا من بعدهم بل أحد القولين عندنا أنه لا يجوز إخراجها إلا على المساكين خاصة وهذا القول أرجح من القول بوجوب قسمتها على الأصناف الثمانية، يعني مصرفها مصرف الزكاة هذا في الأصل لأنها زكاة لأنها زكاة وهي وإن كانت زكاة إلا أنها زكاة بدن وليست بزكاة مال وكون المساكين..، كونها تختص بالمساكين ليغتنوا بها في ذلك اليوم الذي هو يوم العيد يوم الفرح والانشغال به عن المكاسب لا شك أن هذا له وجهه تخصيصها بهم عن الفقراء والمساكين دون غيرهم من سائر الأصناف.
أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ متى وقت إخراجها يا فضيلة الشيخ؟
وقت إخراجها عرفنا أنها وقت وجوبها غروب الشمس ليلة العيد غروب الشمس ليلة العيد فمن ولد بعد غروب الشمس لا تجب عليه زكاة الفطر من أسلم بعد غروب الشمس لا تجب عليه زكاة الفطر لكن لو أسلم قبل غروب الشمس ولو بلحظة لزمته زكاة الفطر ولو ولد قبل غروب الشمس بلحظة وجب أن تخرج عنه زكاة الفطر، أما الحمل مسألة مثل ما تقدم النقل عن عثمان رضي الله عنه يستحب أن تخرج عن الحمل الصحابة كانوا يخرجونها قبل العيد بيوم أو يومين كانوا يخرجونها قبل العيد كما ذكر ذلك البخاري عنهم بيوم أو يومين وهذا من باب التوسعة على على الناس، يعني لو اجتمع الناس كلهم يخرجونها في وقت واحد يعني من بين صلاة الصبح يوم العيد إلى صلاة العيد لحصل فيه مشقة وقد لا يتيسر من يعطى وقد لا يتيسر من يحملها المقصود أن من من التوسعة على الناس أن أنه يجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين.
أحسن الله إليكم فضيلة الشيخ إذا كان الإنسان مسافر فضيلة الشيخ في بلد وأهله في بلد أين يخرجها ما هو الأفضل في المكان الذي هو فيه أو في بلده؟
مقتضى أهل العلم أنها زكاة بدن أنها تخرج في المكان الذي فيه الشخص نفسه، لكن لو أخرجها في المكان الذي فيه سكنه وماله ما يعرف ما يمنع من الأدلة الشرعية، المقصود أنها تخرج في مصرفها للمساكين وإن كانت هي زكاة بدن ومتعلقة بالبدن لا بالمال ولذا يخصها بعض أهل العلم في المكان الذي يكون فيه البدن نفسه لكن لا يعرف من الأدلة ما يدل على تخصيصها بمكان البدن يعني لو أخرجت في مكان المال، يعني يوجد بعض الناس يكون مسافر وأولاده كلهم في بلد وأرادوا أن يخرج جميع في بلده إما لأقاربه المساكين أو ما أشبه ذلك لا مانع من أن تكون زكاته معهم إن شاء الله.
لو عرف حاجة أهل بلد آخر كأن يكون من بلاد المسلمين فتدفع زكاة الفطر لهم فهل للإنسان أن يدفع هناك رغم وجود بعض المحتاجين في بلده؟
هو إذا وجد المحتاج في بلده هو أولى بلا شك ولو قيل أن زكاة البدن تابعة للبدن فلا يجوز أن تنقل من البلد الذي فيه البدن له وجه وقد قيل به لكن لو قدر أنه لا يوجد مساكين أو يوجد ناس حاجتهم أشد حاجتهم أشد، يعني يلاحظ في بعض المجتمعات أن هذه الزكاة تصرف لأناس يكدسون الأكياس ويبيعونها وهناك من يحتاجه في بلدان أخرى لا شك أن المصلحة تقتضي أن تنقل إلى بلد هو أقرب إلى هذا البلد ولا يوجد في النصوص بل مقاصد الشريعة تدل على أن له ذلك إن شاء الله تعالى.
أحسن الله إليكم، فضيلة الشيخ وأثابكم أيها الإخوة المستمعون الكرام بهذه الإجابة من فضيلة الشيخ نصل إلى ختام هذه الحلقة نتقدم في ختامها بالشكر الجزيل لفضيلة الشيخ الدكتور عبد الكريم بن عبد الله الخضير وفقه الله شكر الله له ولكم مستمعينا الكرام نلقاكم بإذن الله تعالى في الحلقة المقبلة، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.